علامات الترقيم
تجميل أم تنسيق؟

عالَمُ اللغة العربية عالمٌ واسع، ومِن سِعته تجلّت الحروف بألوانها وتشكيلها وارتباطها ببعضها، ولا يكتمل المعنى إلا بانتقاء الكَلِم، ولا تتضح الفكرة إلا بإتمام الجُمل، ولا يُفهم النصّ فهمًا عميقًا إلا حين نعرف مواضع علامات الترقيم، فمِن أين ظهرت هذه الرموز الاصطلاحية؟



أحمد زكي .. هو أول من أدخل علامات الترقيم إلى عالم اللغة العربية

أحمد زكي بن إبراهيم بن عبد الله النجار، -شيخ العروبة كما يُلقّب- هو أول من أدخل علامات الترقيم في اللغة العربية ووضع أسسها وقواعدها في عام 1912م، ومما قاله عن سبب نقله علامات الترقيم للعربية: أنّ القارئ والسامع بحاجة إلى نبرات خاصة في الصوت أو رموز في الكتابة يسهل معها الإدراك والفهم.


اختيار علامات الترقيم مهارة لا يتقنها أي كاتب



متى تكون علامات الترقيم مجرد زخرفة؟

عندما تستخدمها في غير أماكنها الصحيحة، أو تبالغ في استخدامها فيتغير معنى الكلام بسببها وتبهت جمالية النص ويتشوّش عقلك بعد قراءتها.

كذلك لو كان النص الذي تقرأه لا يحتوي على أي علامة ترقيم!

سيصعب عليك فهم الجُمل والربط بينها ومؤكد أنك ستحتاج وقتًا أطول في القراءة، وستحتار كثيرًا عند قراءة نصّك على شخص آخر، ولن يفهمك تمامًا.

يقول د. هيثم الوزير: علامات الترقيم إضاءات للنص، فالحكمة الاكتفاء بما يضيء النص، والاستكثار منها مزعجٌ إزعاج الاستكثار من المصابيح في مساحة لا تحتملها.

أما د. فواز اللعبون فيعلّق على من يُكثر من استخدام علامات الترقيم: من إشكالات الكتابة تكرار بعض علامات الترقيم، مثل: !!! ؟؟؟ ،،، وإن زاد تعجبنا من أمر أو جهلنا بسؤال عبرنا عنه بألفاظ دالّة لا بتكرار العلامة.


الكاتب ذو الذائقة العالية يعرف متى يستخدم علامات الترقيم



كيف تستخدم علامات الترقيم بشكل صحيح؟

علامات الترقيم تشبه لغة الجسد ونبرات الصوت في وظيفتها الظاهرة، ودورها يحلّ مكان حركات اليد وتعابير الوجه ونبرات الصوت في النص، وكلما أخطأ الكاتب توظيف علامات الترقيم بمكانها الصحيح، كلما تغيّر المعنى واختلّت الفكرة وتعذّر الفهم على القارئ والسامع، مثلًا: قد يتحول المدح إلى ذم، والنداء إلى تعجّب، والاستفهام إلى إقرار، عند استخدام علامات الترقيم بعشوائية.

وبعد هذا الحديث نعرف أنّ مَهمّة علامات الترقيم مُهمّة تنسيقية وليست تجميلية؛ لأنها تفصل بين أجزاء الكلام، وتفيد بانتهاء الجُمل والوقوف عندها، وتشير إلى انفعالات الكاتب حسب السياق، وتحلّ محلّ النفس القصير والطويل أثناء الكلام، وكما يجب على الكاتب استيعاب معنى كل علامة ترقيم وموضع استخدامها الصحيح، يكون القارئ أكثر فهمًا وإدراكًا حين يقرأ مستوعبًا المقصود من وجود كل علامة ترقيم.



ومن أبرز علامات الترقيم:

هي علامة تعجّب وتأثّر، لكن بعضنا يستخدمها لإنهاء الجُملة العادية.

التعجب أو التأثر يمكن أن نستخدمها بعد الجُمل المُعبّرة عن الانفعالات النفسية، كالفرح، والحزن، والدهشة، والدعاء، والاستغاثة.

مثل: ما أجمل القمر في السماء!


يُسمى الاستفهام التعجبي ونستخدمه بعد الاستفهام المُحمّل بمعنى تعجّبي واستنكاري.

مثل: لماذا اتهمتني وأنا بريء؟!


القوسان، نستخدمها كثيرًا، وقد لا يعرف مَن يستخدمها موضعها الصحيح.

نجد بينها جُملًا وكلمات ليست من أركان الكلام لكنها توضّح السياق.

مثل: دخلتُ ثالث الحرمين (المسجد الأقصى) وصلّيتُ فيه.


علامة الحذف، تدل على وجود تكملة للجملة، وتُكتب بديلة عن الكلام المحذوف.

مثل: جاء محمد وأحمد وعبد الله…



علامات الترقيم.. بها تكتمل أناقة الكلام ويتضح جوهر معانيه